هشام البستاني متحدّثا عن المجتمع الإستهلاكي
صفحة 1 من اصل 1
هشام البستاني متحدّثا عن المجتمع الإستهلاكي
كلمة د. هشام البستاني - ناشط في مجال مناهضة الهيمنة
وعضو في اللجنة الوطنية للدفاع عن الوطن ومقاومة التطبيع في الأردن-
القيت في مهرجان "لأجلك يا اردن نقاوم التطبيع"
انه عصر عجيب هذا الذي نعيش فيه.
انه عصر الفرد المنغمس حتى ما فوق اذنيه في السلعة الاستهلاكية. الفرد الذي يُمضي يومه مطاردا الاوهام التي تبيعه اياها اعلانات الصفحات الكاملة، موعودا بالربح السريع، واكتساب اعجاب الآخرين، وفرض احترامه وتميزه، كل ذلك من خلال شراء جهاز خلوي من طراز ما، او ملابس من ماركة معينة. يطارد صديقنا هذا سيارة احلامه، وبيت احلامه، وعروس احلامه، دون ان يعي ان هذه مجرد اضغاث احلام، تبيعه اياها ماكينة البروباغاندا الرأسمالية، من أجل ان يظل يطارد السراب دون ان يصل. وخلال هذه المطاردة، يُفرغ القليل المتبقي في جيوبه في بئر منتجي السلع الاستهلاكية الذي لا يشبع ولا يمتلئ.
ان هذا الفرد الاناني الفارغ الراكض وراء احلامه الاستهلاكية، يُحوَل الآن الى "ايقونة"، الى "قيمة عليا"، بل والى "ضرورة"، فيما يُحوَل العالم، والطبيعة، والكون كله، الى مشاريع ممتلكات شخصية. فلا قيمة للعالم والطبيعة والكون اذا لم تتموضع كمجرد اشياء متعلقة بهذا الفرد التافه.
يقول الاعلان (وهو اعلان لشركة "زين" بالمناسبة):
حين ترى السماء بيتك
والقمر مصباح غرفتك
حين ترى البحيرات مرآتك
والحقول الخضراء حديقتك
حين ترى العصافير فرقتك الموسيقية
ومنحنيات الجبال مخططاتك البيانية
ستدرك ان العالم...عالمك
هكذا تتحول بحيرة زرقاء ممتدة الى مرآة لصبية جميلة تبتسم امامك في صفحة الجريدة، وتتحول حقول رائعة من الزهور البرية الى زجاجة عطر لصبية أخرى، فيما تتحول السماء المرصعة بملايين ملايين النجوم والمجرات، والكون اللانهائي بأسره، الى علبة مجوهرات لثالثة.
اذا، لا قيمة للطبيعة والكون كله بدون هذا الفرد الاناني المستهلك مسلوب الارادة. انها الخدعة الكبرى لمشروع الهيمنة: اعادة انتاج المجتمعات الى مجرد افراد انانيين يدوسون بعضهم بعضا من أجل مطاردة "الحلم"... من أجل "التنافسية"، و"الريادة"...هذه هي كلمات السر الاساسية في برامج مثل "انجاز" و"الرواد الشباب" الممولة من قبل الـ USAID.
فلنتذكر ان الولايات المتحدة حين احتلت العراق لم تنتِج "مجتمعا متمدنا"، بل انتجت مجتمع "التفتيت الطائفي"، ولنضع في اذهاننا ان المجتمع المثالي لقوى الهيمنة هو مجتمع مُفتت الى حلقاته الاصغر: الافراد انفسهم في مواجهة بعضهم البعض، كل يقاتل من أجل "مرآته" و"علبة مجوهراته" المفترضة!
ما دخل كل هذا بالتطبيع؟ ان المجتمع المفتت الى افراد انتهازيين انانيين، هو المجتمع الذي سيهرول مفتتاً نحو التطبيع، ونحو المشروع المعادي، بالضرورة.
تقول القاعدة البريطانية الاستعمارية العريقة: "فرّق تسد". فالفرقاء عليهم ان يتسابقوا عند السيد لينالوا رضاه وحظوته على الفرقاء الآخرين، ولنتذكر ايضا ان السيد يوزع رضاه على الفرقاء بالتساوي، ليستمروا في التنازع على هذه الحظوة – فهو حليف لايران بنفس الوقت الذي هو حليف للعراق اثناء الحرب العراقية الايرانية، وهو حليف لتركيا في نفس الوقت الذي هو حليف للأكراد، وهو حليف للهند في نفس الوقت الذي هو حليف للباكستان، وهو حليف للميليشيات الطائفية الشيعية في نفس الوقت الذي هو حليف للميليشيات الطائفية السنية في العراق.
انها الخدعة/الحلم. الخدعة بان الخصم حليف، والحلم بأن العدو صديق. ابناء العم الطيبين هؤلاء سيعطوننا دولة! "دولتي" كما في اعلان كامل الاوهام. ويبقى العربي يطارد احلامه، فيما تتوسع "اسرائيل" وتبتلع العباد هذه المرة بعد ان ابتلعت البلاد.
دور الشباب في مقاومة التطبيع – هذا كان العنوان المفترض لهذه الورقة – واعتقد ان اللبيب فهم من الاشارة، فالمستهدف الاول من عملية اعادة تشكيل الوعي هو انتم: الشباب. من اجلكم تبث الفضائيات الهابطة، ولعيونكم تصرف الولايات المتحدة ملايينها في برامج تطبيعية مثل "بذور السلام"، وبرامج "تأهيلية" مثل "انجاز" و"الرواد الشباب (وتأهيلية تعني اعادة انتاج "الفرد الجديد")، وبرامج تنظيمية مثل "شباب كلنا الاردن" و"برلمان الشباب" والذي تشارك فيه وللاسف بعض الاحزاب والنقابات. من أجل خاطركم هناك "فيصلي" و"وحدات" ومعارك دونكيشوتية تخاض على مدرجات كرة القدم، ولمستقبل ابنائكم تخاض معارك داحس والغبراء العشائرية في قلاع المعرفة والبحث العلمي، واخيرا وليس آخرا، فانتم اول المستهدَفين للتحول الى "المستهلك العالمي الموحد" الذي يُفطم على زجاجة الكوكا كولا، وتكون امنيته الاخيرة قبل ان يموت ان يحظى بقضمة Big Mac!
هل علي حقا ان اقول لكم ما هو دوركم؟ لأجرب على طريقة الوصايا العشرة:
الوصية الاولى: لا تصدق ابدا انك احد ابناء سايكس/بيكو وافرازاتها القطرية، ان اعترافك بسايكس/بيكو هو المقدمة الاولى لاعترافك بـ"اسرائيل" والمشروع الامبريالي.
الوصية الثانية: لا تصدق ابدا ان هناك "شرعية دولية"، هناك "شرعية القوة"، و"الشرعية الدولية" هي مجرد انعكاس لها. ان اعترافك بـ"الشرعية الدولية" هو المقدمة الثانية لاعترافك بـ"اسرائيل" والمشروع الامبريالي.
الوصية الثالثة: لا تعترف بمبادرات او مفاوضات او اتفاقيات للـ"سلام"، من كامب ديفيد الى انابوليس، وبينهما عشرات الاسماء البراقة. ان تلميذ الصف الاول في مدرسة السياسة، يعرف ان المفاوضات تعقد بين أنداد، وبين اناس متساويين في الحقوق، ونحن لا هذا ولا ذاك، نحن اصحاب حق ضعفاء، وصاحب الحق الضعيف لا سبيل امامه الا سبيل واحد: المقاومة!
الوصية الرابعة: لا تسمع كلام والديك حين ينصحانك بالابتعاد عن السياسة والاهتمام بمستقبلك. تأكد انه لن يكون لك مستقبل أصلا ان استمريت بسلبيتك ومشيت الحيط الحيط وطلبت الستر. واعلم ان المستقبل لا يَأتي بل يُصنع.
الوصية الخامسة: اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ، فالمعرفة هي السلاح الاول لقتل الخداع والكذب، والعقل النقدي هو الاساس الاول للتقدم والتغيير، بينما العقل المُستكين المُطمئن الذي يَستقبل دو ان يتسائل "لماذا" هو المثالي لان يُقمع ويُهيمن عليه.
الوصية السادسة: قاطع ثم قاطع ثم قاطع، لا لأن المقاطعة سوف تحطم اميركا و"اسرائيل"، لكن لأن المقاطعة ستنقذك من نفسك، ستنقذك من التحول الى ذلك الفرد الاناني المستهلك المتمحور حول نفسه، لان المقاطعة ستعيد انتاجك بصفتك فردا اجتماعيا واعيا ذو ارادة، لان المقاطعة ستجعلك انت تقرر، لا الاعلان ومن هو خلف الاعلان.
الوصية السابعة: انضم الى المبادرات الجماعية، بادر، ناقش، ادع الآخرين، احذر من خدع السلطة والامريكان والاسرائيليين والممولين الاجانب. لا تقل "سأستفيد منهم ولن يستفيدوا مني" او "سافعل ما أريد من خلالهم"...هم الاقوى وليس انت، وهم الذين سيوظفوك بالنتيجة لا العكس.
الوصية الثامنة: لا تتخلى عن راديكاليتك – نعم فلسطين من البحر الى النهر، ولن نعترف بشرعية "اسرائيل"، ولا بالحكومة العميلة في العراق. سيقولون لك "خطاب خشبي" و"ليس واقعيا" و"الظرف الحالي لا يسمح"، قل لهم ان الصراع مفتوح ولمّا ينته بعد، ومن لا يقوى على المواجهة فليقعد في بيته بدلا من ان ينضم الى ابواق الدعاية المعادية.
الوصية التاسعة: اعلم ان التاريخ لا يُحسم لا بيوم ولا بليلة ولا بأشهر ولا حتى بعشرات السنوات. لا تتوقع ان ترى نتيجة عملك غدا، وتذكر اننا الآن في مرحلة هبوط متسارع، ولا زال امامنا ابطاء هذا التردي، وايقافه، ثم عكسه، وهذا سيأخذ وقتا، لكن لا بد من البدء ليتمكن من سَيليك من الاكمال.
الوصية العاشرة: نحن في مرحلة تحرر وطني، فلا تنخدع بالتقوقع والانعزالية، وأن فصيلك وحده هو "الفرقة الناجية". ان مهمتنا الآنية والمستعجلة هي طرد الاحتلال وكنس مشروعه، وهي مهمة تحتاج لتضافر جميع الجهود (اسلاميين وقوميين ويساريين) باتجاه التغلب على المشروع المعادي، لا التآمر واحدنا ضد الآخر. وافتح عينيك جيدا: ففي كل فصيل هناك انتهازيون ومبدئيون، فادع الى وحدة المبدئيين لانهم مبعثرون، بينما الانتهازيون مُوَحَّدون منذ زمن!
الوصية الحادية عشر: (تجاوزنا الوصايا العشرة!!) خذ القيادة بعد ان تطبق الوصايا العشرة السابقة، ولا تستح، يجب ضخ دم جديد في قيادة العمل الوطني.
هكذا، يتم التحول المعاكس من الفرد الاناني المستهلك، الى المجتمع المقاوم، وتبدأ عجلة التاريخ بالدوران. قديما تساءل الشاعر الفرنسي الصعلوك رامبو بتعجب: "الدنيا تسير، فلماذا لا تدور؟" فيجيبه أمل دنقل بعد حين اجابته القاطعة: "فليس سوى أن تريد..."
شكرا لكم .
وعضو في اللجنة الوطنية للدفاع عن الوطن ومقاومة التطبيع في الأردن-
القيت في مهرجان "لأجلك يا اردن نقاوم التطبيع"
انه عصر عجيب هذا الذي نعيش فيه.
انه عصر الفرد المنغمس حتى ما فوق اذنيه في السلعة الاستهلاكية. الفرد الذي يُمضي يومه مطاردا الاوهام التي تبيعه اياها اعلانات الصفحات الكاملة، موعودا بالربح السريع، واكتساب اعجاب الآخرين، وفرض احترامه وتميزه، كل ذلك من خلال شراء جهاز خلوي من طراز ما، او ملابس من ماركة معينة. يطارد صديقنا هذا سيارة احلامه، وبيت احلامه، وعروس احلامه، دون ان يعي ان هذه مجرد اضغاث احلام، تبيعه اياها ماكينة البروباغاندا الرأسمالية، من أجل ان يظل يطارد السراب دون ان يصل. وخلال هذه المطاردة، يُفرغ القليل المتبقي في جيوبه في بئر منتجي السلع الاستهلاكية الذي لا يشبع ولا يمتلئ.
ان هذا الفرد الاناني الفارغ الراكض وراء احلامه الاستهلاكية، يُحوَل الآن الى "ايقونة"، الى "قيمة عليا"، بل والى "ضرورة"، فيما يُحوَل العالم، والطبيعة، والكون كله، الى مشاريع ممتلكات شخصية. فلا قيمة للعالم والطبيعة والكون اذا لم تتموضع كمجرد اشياء متعلقة بهذا الفرد التافه.
يقول الاعلان (وهو اعلان لشركة "زين" بالمناسبة):
حين ترى السماء بيتك
والقمر مصباح غرفتك
حين ترى البحيرات مرآتك
والحقول الخضراء حديقتك
حين ترى العصافير فرقتك الموسيقية
ومنحنيات الجبال مخططاتك البيانية
ستدرك ان العالم...عالمك
هكذا تتحول بحيرة زرقاء ممتدة الى مرآة لصبية جميلة تبتسم امامك في صفحة الجريدة، وتتحول حقول رائعة من الزهور البرية الى زجاجة عطر لصبية أخرى، فيما تتحول السماء المرصعة بملايين ملايين النجوم والمجرات، والكون اللانهائي بأسره، الى علبة مجوهرات لثالثة.
اذا، لا قيمة للطبيعة والكون كله بدون هذا الفرد الاناني المستهلك مسلوب الارادة. انها الخدعة الكبرى لمشروع الهيمنة: اعادة انتاج المجتمعات الى مجرد افراد انانيين يدوسون بعضهم بعضا من أجل مطاردة "الحلم"... من أجل "التنافسية"، و"الريادة"...هذه هي كلمات السر الاساسية في برامج مثل "انجاز" و"الرواد الشباب" الممولة من قبل الـ USAID.
فلنتذكر ان الولايات المتحدة حين احتلت العراق لم تنتِج "مجتمعا متمدنا"، بل انتجت مجتمع "التفتيت الطائفي"، ولنضع في اذهاننا ان المجتمع المثالي لقوى الهيمنة هو مجتمع مُفتت الى حلقاته الاصغر: الافراد انفسهم في مواجهة بعضهم البعض، كل يقاتل من أجل "مرآته" و"علبة مجوهراته" المفترضة!
ما دخل كل هذا بالتطبيع؟ ان المجتمع المفتت الى افراد انتهازيين انانيين، هو المجتمع الذي سيهرول مفتتاً نحو التطبيع، ونحو المشروع المعادي، بالضرورة.
تقول القاعدة البريطانية الاستعمارية العريقة: "فرّق تسد". فالفرقاء عليهم ان يتسابقوا عند السيد لينالوا رضاه وحظوته على الفرقاء الآخرين، ولنتذكر ايضا ان السيد يوزع رضاه على الفرقاء بالتساوي، ليستمروا في التنازع على هذه الحظوة – فهو حليف لايران بنفس الوقت الذي هو حليف للعراق اثناء الحرب العراقية الايرانية، وهو حليف لتركيا في نفس الوقت الذي هو حليف للأكراد، وهو حليف للهند في نفس الوقت الذي هو حليف للباكستان، وهو حليف للميليشيات الطائفية الشيعية في نفس الوقت الذي هو حليف للميليشيات الطائفية السنية في العراق.
انها الخدعة/الحلم. الخدعة بان الخصم حليف، والحلم بأن العدو صديق. ابناء العم الطيبين هؤلاء سيعطوننا دولة! "دولتي" كما في اعلان كامل الاوهام. ويبقى العربي يطارد احلامه، فيما تتوسع "اسرائيل" وتبتلع العباد هذه المرة بعد ان ابتلعت البلاد.
دور الشباب في مقاومة التطبيع – هذا كان العنوان المفترض لهذه الورقة – واعتقد ان اللبيب فهم من الاشارة، فالمستهدف الاول من عملية اعادة تشكيل الوعي هو انتم: الشباب. من اجلكم تبث الفضائيات الهابطة، ولعيونكم تصرف الولايات المتحدة ملايينها في برامج تطبيعية مثل "بذور السلام"، وبرامج "تأهيلية" مثل "انجاز" و"الرواد الشباب (وتأهيلية تعني اعادة انتاج "الفرد الجديد")، وبرامج تنظيمية مثل "شباب كلنا الاردن" و"برلمان الشباب" والذي تشارك فيه وللاسف بعض الاحزاب والنقابات. من أجل خاطركم هناك "فيصلي" و"وحدات" ومعارك دونكيشوتية تخاض على مدرجات كرة القدم، ولمستقبل ابنائكم تخاض معارك داحس والغبراء العشائرية في قلاع المعرفة والبحث العلمي، واخيرا وليس آخرا، فانتم اول المستهدَفين للتحول الى "المستهلك العالمي الموحد" الذي يُفطم على زجاجة الكوكا كولا، وتكون امنيته الاخيرة قبل ان يموت ان يحظى بقضمة Big Mac!
هل علي حقا ان اقول لكم ما هو دوركم؟ لأجرب على طريقة الوصايا العشرة:
الوصية الاولى: لا تصدق ابدا انك احد ابناء سايكس/بيكو وافرازاتها القطرية، ان اعترافك بسايكس/بيكو هو المقدمة الاولى لاعترافك بـ"اسرائيل" والمشروع الامبريالي.
الوصية الثانية: لا تصدق ابدا ان هناك "شرعية دولية"، هناك "شرعية القوة"، و"الشرعية الدولية" هي مجرد انعكاس لها. ان اعترافك بـ"الشرعية الدولية" هو المقدمة الثانية لاعترافك بـ"اسرائيل" والمشروع الامبريالي.
الوصية الثالثة: لا تعترف بمبادرات او مفاوضات او اتفاقيات للـ"سلام"، من كامب ديفيد الى انابوليس، وبينهما عشرات الاسماء البراقة. ان تلميذ الصف الاول في مدرسة السياسة، يعرف ان المفاوضات تعقد بين أنداد، وبين اناس متساويين في الحقوق، ونحن لا هذا ولا ذاك، نحن اصحاب حق ضعفاء، وصاحب الحق الضعيف لا سبيل امامه الا سبيل واحد: المقاومة!
الوصية الرابعة: لا تسمع كلام والديك حين ينصحانك بالابتعاد عن السياسة والاهتمام بمستقبلك. تأكد انه لن يكون لك مستقبل أصلا ان استمريت بسلبيتك ومشيت الحيط الحيط وطلبت الستر. واعلم ان المستقبل لا يَأتي بل يُصنع.
الوصية الخامسة: اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ، فالمعرفة هي السلاح الاول لقتل الخداع والكذب، والعقل النقدي هو الاساس الاول للتقدم والتغيير، بينما العقل المُستكين المُطمئن الذي يَستقبل دو ان يتسائل "لماذا" هو المثالي لان يُقمع ويُهيمن عليه.
الوصية السادسة: قاطع ثم قاطع ثم قاطع، لا لأن المقاطعة سوف تحطم اميركا و"اسرائيل"، لكن لأن المقاطعة ستنقذك من نفسك، ستنقذك من التحول الى ذلك الفرد الاناني المستهلك المتمحور حول نفسه، لان المقاطعة ستعيد انتاجك بصفتك فردا اجتماعيا واعيا ذو ارادة، لان المقاطعة ستجعلك انت تقرر، لا الاعلان ومن هو خلف الاعلان.
الوصية السابعة: انضم الى المبادرات الجماعية، بادر، ناقش، ادع الآخرين، احذر من خدع السلطة والامريكان والاسرائيليين والممولين الاجانب. لا تقل "سأستفيد منهم ولن يستفيدوا مني" او "سافعل ما أريد من خلالهم"...هم الاقوى وليس انت، وهم الذين سيوظفوك بالنتيجة لا العكس.
الوصية الثامنة: لا تتخلى عن راديكاليتك – نعم فلسطين من البحر الى النهر، ولن نعترف بشرعية "اسرائيل"، ولا بالحكومة العميلة في العراق. سيقولون لك "خطاب خشبي" و"ليس واقعيا" و"الظرف الحالي لا يسمح"، قل لهم ان الصراع مفتوح ولمّا ينته بعد، ومن لا يقوى على المواجهة فليقعد في بيته بدلا من ان ينضم الى ابواق الدعاية المعادية.
الوصية التاسعة: اعلم ان التاريخ لا يُحسم لا بيوم ولا بليلة ولا بأشهر ولا حتى بعشرات السنوات. لا تتوقع ان ترى نتيجة عملك غدا، وتذكر اننا الآن في مرحلة هبوط متسارع، ولا زال امامنا ابطاء هذا التردي، وايقافه، ثم عكسه، وهذا سيأخذ وقتا، لكن لا بد من البدء ليتمكن من سَيليك من الاكمال.
الوصية العاشرة: نحن في مرحلة تحرر وطني، فلا تنخدع بالتقوقع والانعزالية، وأن فصيلك وحده هو "الفرقة الناجية". ان مهمتنا الآنية والمستعجلة هي طرد الاحتلال وكنس مشروعه، وهي مهمة تحتاج لتضافر جميع الجهود (اسلاميين وقوميين ويساريين) باتجاه التغلب على المشروع المعادي، لا التآمر واحدنا ضد الآخر. وافتح عينيك جيدا: ففي كل فصيل هناك انتهازيون ومبدئيون، فادع الى وحدة المبدئيين لانهم مبعثرون، بينما الانتهازيون مُوَحَّدون منذ زمن!
الوصية الحادية عشر: (تجاوزنا الوصايا العشرة!!) خذ القيادة بعد ان تطبق الوصايا العشرة السابقة، ولا تستح، يجب ضخ دم جديد في قيادة العمل الوطني.
هكذا، يتم التحول المعاكس من الفرد الاناني المستهلك، الى المجتمع المقاوم، وتبدأ عجلة التاريخ بالدوران. قديما تساءل الشاعر الفرنسي الصعلوك رامبو بتعجب: "الدنيا تسير، فلماذا لا تدور؟" فيجيبه أمل دنقل بعد حين اجابته القاطعة: "فليس سوى أن تريد..."
شكرا لكم .
salvador allende- عضو بارز
- عدد الرسائل : 55
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 16/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى