محمود درويش في أثر الفراشة : غور فكري ونفسي بنضج حزين
صفحة 1 من اصل 1
محمود درويش في أثر الفراشة : غور فكري ونفسي بنضج حزين
محمود درويش في أثر الفراشة : غور فكري ونفسي بنضج حزين
جورج جحا
01/02/2008
بيروت ـ كتاب الشاعر محمود درويش الاخير اثر الفراشة..يوميات لم يكن اليومي فيه سوي مزيج من الغور والتساؤل الفكريين في الاشياء والنفس والخروج من ذلك بشعر حتي في الفكري وفي اليومي. وكل ما نقرأه في كتاب الشاعر الكبير ـ عندما يصور المشاعر والافكار وحين يستنطق الاشياء ـ نجده يسيل شعرا يطل من حكمته التي نتجت عن الايام في وجهها الفلسطيني والانساني.. وهما وجه واحد غالبا. هذا الشعر يبدو حافلا بحزن عميق عريق يسري هادئا كحكمة مكتسبة من شيب الروح وما تخمر فيها. انه شيب بلا شيخوخة يشبه الشباب لكنه اكثر رصانة وقد امتزجت بعض مرارته بهدؤ التأمل الفكري الذي خفف من قسوتها ومع خيط تصوفي يطل بارزا احيانا. في الكتاب اذن وباستمرار شعر حيث لا شعر رسميا .. وشعر تقليدي وحديث هو شعر شعر جهرا واضمارا. والكتاب كما وصف هو صفحات مختارة من يوميات كتبت بين صيف 6002 وصيف 7002 .
الكتاب الذي جاء في 683 صفحة متوسطة القطع صدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت. الاسطر القليلة التي حملها غلاف الكتاب تنطق بكثير مما فيه من محتوي روحا ونهج تأمل. يقول الشاعر الفارق بين النرجس وعباد الشمس هو الفرق بين وجهتي نظر.. الاول ينظر الي الماء ويقول.. لا انا الا انا. والثاني ينظر الي الشمس يقول.. ما انا الا ما اعبد. وفي الليل يضيق الفارق ويتسع التأويل .
القصيدة الاولي وعنوانها البنت -الصرخة تصل الي النفس كالسكين. انها تستدعي لوحة ادوارد مونش الصرخة . هذه اللوحة فيها صراخ مطلق وهو يلف العالم. اما القصيدة فهي مرتبطة بالمحدد.. بواقع أليم وتنضح حزنا يجب ان يلف العالم. لكنها علي حدتها تكاد تكون غير مسموعة.. فالعالم لم يعد يسمع هذا النوع من الصراخ. ومع ذلك فقد رسمها درويش كأنها دوي هائل مكتوم يزلزل الوجدان. يقول الشاعر الفلسطيني الكبير علي شاطيء البحر بنت. وللبنت اهل/ وللاهل بيت وللبيت نافذتان وباب/ وفي البحر بارجة تتسلي/ بصيد المشاة علي شاطيء البحر/ اربعة خمسة سبعة/ يسقطون علي الرمل والبنت تنجو قليلا/ لان يدا من ضباب/ يدا ما الهية اسعفتها فنادت..ابي/ يا ابي قم لنرجع فالبحر ليس لامثالنا / لم يجبها ابوها المسجي علي ظله/ في مهب الغياب../ دم في النخيل دم في السحاب../ يطير بها الصوت اعلي وابعد من/ شاطيء البحر. تصرخ في ليل برية/ لا صدي للصدي/ فتصير هي الصرخة الابدية في خبر/ عاجل. لم يعد خبرا عاجلا/ عندما/ عادت الطائرات تقصف بيتا بنافذتين وباب في قصيدة في الغابة نقرأ مع درويش لا اسمع صوتي في الغابة/ خلت الغابة من جوع الوحش.../ وعاد الجيش المهزوم او الظافر لا فرق/ علي اشلاء الموتي المجهولين الي الثكنات/ او العرش/ ولا اسمع صوتي في الغابة حتي لو/ حملته الريح الي ّ وقال لي../ هذا صوتك.. لا اسمعه... لا اسمع صوتي في الغابة حتي لو/ وقف الذئب علي قدمين وصفق لي../ اني اسمع صوتك فلتأمرني / فاقول.. الغابة ليست في الغابة/ يا ابتي الذئب ويا ابني / لا اسمع صوتي الا ان/ خلت الغابة مني/ وخلوت انا من صمت الغابة. في غريبان يقول الشاعر يرنو الي اعلي/ فيبصر نجمة/ ترنو اليه / يرنو الي الوادي/ فيبصر قبره يرنو اليه/ يرنو الي امرأة تعذبه وتعجبه/ ولا ترنو اليه../ يرنو الي مراته/ فيري غريبا مثله/ يرنو اليه في قصيدة ما انا الا هو يقول الشاعر بعيدا وراء خطاه/ ذئاب تعض شعاع القمر/ بعيدا امام خطاه/ نجوم تضيء اعالي الشجر/ وفي القرب منه/ دم نازف من عروق الحجر../ لذلك يمشي ويمشي ويمشي/ الي ان يذوب تماما/ ويشربه الظل عند نهاية هذا السفر../ وما انا الا هو/ وما هو الا انا/ في اختلاف الصور .
في هدير الصمت شعرية في نثر واجواء تذكر بجبران خليل جبران. يقول اصغي الي الصمت.. هل ثمة صمت.. لو نسينا اسمه وارهفنا السمع الي ما فيه لسمعنا اصوات الارواح الهائمة في الفضاء والصرخات التي اهتدت الي الكهوف الاولي. الصمت صوت تبخر واختبأ في الريح وتكسر اصداء محفوظة في جرار كونية.. .
في قصيدة حفيف تصوير هاديء لعالم النفس ومايعبر عنه البعض بمصطلح نفس الكون حيث يقول الشاعر مصغ الي وحي خفي وارهف السمع الي صوت اوراق الشجر الصيفي.. صوت خفر مخدر متحدر من اقاصي النوم.. صوت شاحب ذي رائحة حنطية قادم من عزلة ريفية.. صوت متقطع موزع بتقاسيم مرتجلة علي اوتار نسيم متمهل.. .
في ما يشبه الخسارة يقول درويش صعد من هذا الودي علي درجات نفسي تقريبا. اصعد الي ربوة عالية لاري البحر. لا اغنية تحملني ولا سؤ تفاهم مع الكينونة. اتسلي بمراوغة ظلي وبالتفكير المريح في مال قوس قزح الذي يلهيني -فجأة- عن ظلي المشتبك بعوسجة جرحته ولم ينزف.. . قصيدة اثر الفراشة تحفل بسمات برزت في مجالات كثيرة في مواد الكتاب. انها اشراقية الي حد بعيد. يقول درويش اثر الفراشة لا يري/ اثر الفراشة لا يزول/ هو جاذبية غامض/ يستدرج المعني وترحل/ حتي يتضح السبيل/ هو خفة الابدي في اليومي/ اشواق الي اعلي/ واشراق جميل/ هو شامة في الضؤ توميء/ حين يرشدنا الي الكلمات/ باطننا الدليل/ هو مثل اغنية تحاول/ ان تقول وتكتفي/ بالاقتباس من الظلال/ ولا تقول.../ اثر الفراشة لا يري/ اثر الفراشة لا يزول .
جورج جحا
01/02/2008
بيروت ـ كتاب الشاعر محمود درويش الاخير اثر الفراشة..يوميات لم يكن اليومي فيه سوي مزيج من الغور والتساؤل الفكريين في الاشياء والنفس والخروج من ذلك بشعر حتي في الفكري وفي اليومي. وكل ما نقرأه في كتاب الشاعر الكبير ـ عندما يصور المشاعر والافكار وحين يستنطق الاشياء ـ نجده يسيل شعرا يطل من حكمته التي نتجت عن الايام في وجهها الفلسطيني والانساني.. وهما وجه واحد غالبا. هذا الشعر يبدو حافلا بحزن عميق عريق يسري هادئا كحكمة مكتسبة من شيب الروح وما تخمر فيها. انه شيب بلا شيخوخة يشبه الشباب لكنه اكثر رصانة وقد امتزجت بعض مرارته بهدؤ التأمل الفكري الذي خفف من قسوتها ومع خيط تصوفي يطل بارزا احيانا. في الكتاب اذن وباستمرار شعر حيث لا شعر رسميا .. وشعر تقليدي وحديث هو شعر شعر جهرا واضمارا. والكتاب كما وصف هو صفحات مختارة من يوميات كتبت بين صيف 6002 وصيف 7002 .
الكتاب الذي جاء في 683 صفحة متوسطة القطع صدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت. الاسطر القليلة التي حملها غلاف الكتاب تنطق بكثير مما فيه من محتوي روحا ونهج تأمل. يقول الشاعر الفارق بين النرجس وعباد الشمس هو الفرق بين وجهتي نظر.. الاول ينظر الي الماء ويقول.. لا انا الا انا. والثاني ينظر الي الشمس يقول.. ما انا الا ما اعبد. وفي الليل يضيق الفارق ويتسع التأويل .
القصيدة الاولي وعنوانها البنت -الصرخة تصل الي النفس كالسكين. انها تستدعي لوحة ادوارد مونش الصرخة . هذه اللوحة فيها صراخ مطلق وهو يلف العالم. اما القصيدة فهي مرتبطة بالمحدد.. بواقع أليم وتنضح حزنا يجب ان يلف العالم. لكنها علي حدتها تكاد تكون غير مسموعة.. فالعالم لم يعد يسمع هذا النوع من الصراخ. ومع ذلك فقد رسمها درويش كأنها دوي هائل مكتوم يزلزل الوجدان. يقول الشاعر الفلسطيني الكبير علي شاطيء البحر بنت. وللبنت اهل/ وللاهل بيت وللبيت نافذتان وباب/ وفي البحر بارجة تتسلي/ بصيد المشاة علي شاطيء البحر/ اربعة خمسة سبعة/ يسقطون علي الرمل والبنت تنجو قليلا/ لان يدا من ضباب/ يدا ما الهية اسعفتها فنادت..ابي/ يا ابي قم لنرجع فالبحر ليس لامثالنا / لم يجبها ابوها المسجي علي ظله/ في مهب الغياب../ دم في النخيل دم في السحاب../ يطير بها الصوت اعلي وابعد من/ شاطيء البحر. تصرخ في ليل برية/ لا صدي للصدي/ فتصير هي الصرخة الابدية في خبر/ عاجل. لم يعد خبرا عاجلا/ عندما/ عادت الطائرات تقصف بيتا بنافذتين وباب في قصيدة في الغابة نقرأ مع درويش لا اسمع صوتي في الغابة/ خلت الغابة من جوع الوحش.../ وعاد الجيش المهزوم او الظافر لا فرق/ علي اشلاء الموتي المجهولين الي الثكنات/ او العرش/ ولا اسمع صوتي في الغابة حتي لو/ حملته الريح الي ّ وقال لي../ هذا صوتك.. لا اسمعه... لا اسمع صوتي في الغابة حتي لو/ وقف الذئب علي قدمين وصفق لي../ اني اسمع صوتك فلتأمرني / فاقول.. الغابة ليست في الغابة/ يا ابتي الذئب ويا ابني / لا اسمع صوتي الا ان/ خلت الغابة مني/ وخلوت انا من صمت الغابة. في غريبان يقول الشاعر يرنو الي اعلي/ فيبصر نجمة/ ترنو اليه / يرنو الي الوادي/ فيبصر قبره يرنو اليه/ يرنو الي امرأة تعذبه وتعجبه/ ولا ترنو اليه../ يرنو الي مراته/ فيري غريبا مثله/ يرنو اليه في قصيدة ما انا الا هو يقول الشاعر بعيدا وراء خطاه/ ذئاب تعض شعاع القمر/ بعيدا امام خطاه/ نجوم تضيء اعالي الشجر/ وفي القرب منه/ دم نازف من عروق الحجر../ لذلك يمشي ويمشي ويمشي/ الي ان يذوب تماما/ ويشربه الظل عند نهاية هذا السفر../ وما انا الا هو/ وما هو الا انا/ في اختلاف الصور .
في هدير الصمت شعرية في نثر واجواء تذكر بجبران خليل جبران. يقول اصغي الي الصمت.. هل ثمة صمت.. لو نسينا اسمه وارهفنا السمع الي ما فيه لسمعنا اصوات الارواح الهائمة في الفضاء والصرخات التي اهتدت الي الكهوف الاولي. الصمت صوت تبخر واختبأ في الريح وتكسر اصداء محفوظة في جرار كونية.. .
في قصيدة حفيف تصوير هاديء لعالم النفس ومايعبر عنه البعض بمصطلح نفس الكون حيث يقول الشاعر مصغ الي وحي خفي وارهف السمع الي صوت اوراق الشجر الصيفي.. صوت خفر مخدر متحدر من اقاصي النوم.. صوت شاحب ذي رائحة حنطية قادم من عزلة ريفية.. صوت متقطع موزع بتقاسيم مرتجلة علي اوتار نسيم متمهل.. .
في ما يشبه الخسارة يقول درويش صعد من هذا الودي علي درجات نفسي تقريبا. اصعد الي ربوة عالية لاري البحر. لا اغنية تحملني ولا سؤ تفاهم مع الكينونة. اتسلي بمراوغة ظلي وبالتفكير المريح في مال قوس قزح الذي يلهيني -فجأة- عن ظلي المشتبك بعوسجة جرحته ولم ينزف.. . قصيدة اثر الفراشة تحفل بسمات برزت في مجالات كثيرة في مواد الكتاب. انها اشراقية الي حد بعيد. يقول درويش اثر الفراشة لا يري/ اثر الفراشة لا يزول/ هو جاذبية غامض/ يستدرج المعني وترحل/ حتي يتضح السبيل/ هو خفة الابدي في اليومي/ اشواق الي اعلي/ واشراق جميل/ هو شامة في الضؤ توميء/ حين يرشدنا الي الكلمات/ باطننا الدليل/ هو مثل اغنية تحاول/ ان تقول وتكتفي/ بالاقتباس من الظلال/ ولا تقول.../ اثر الفراشة لا يري/ اثر الفراشة لا يزول .
democrate- عضو جديد
- عدد الرسائل : 21
العمر : 39
الموقع : sousse
تاريخ التسجيل : 17/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى