وفاة جورج حبش
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وفاة جورج حبش
وفاة الحكيم جورج حبش اليوم
لي عودة للموضوع
لي عودة للموضوع
أميمة- عضو بارز
- عدد الرسائل : 37
العمر : 38
الموقع : أمام الحاسوب
تاريخ التسجيل : 21/12/2007
رد: وفاة جورج حبش
رحم الله الفقيد الكبير وجعلنا جميعا من تلاميذه في النضال والإلتزام بالمبادئ والقيم
، اليكم هذا المقال المميّز لماهر الطاهر للتعرّف أكثر على بعض التفاصيل النضالية والشخصية الفارقة في مسيرة حياته الزاخرة،
http://www.pflp.ps/index.php?action=Aklam&id=837
وهذه تدوينة قصيرة لي حول نفس الموضوع
http://taht-el-yessmina-fillil.blogspot.com/2008/01/blog-post_28.html
، اليكم هذا المقال المميّز لماهر الطاهر للتعرّف أكثر على بعض التفاصيل النضالية والشخصية الفارقة في مسيرة حياته الزاخرة،
http://www.pflp.ps/index.php?action=Aklam&id=837
وهذه تدوينة قصيرة لي حول نفس الموضوع
http://taht-el-yessmina-fillil.blogspot.com/2008/01/blog-post_28.html
يساري وحدوي- عضو جديد
- عدد الرسائل : 8
العمر : 76
تاريخ التسجيل : 14/01/2008
رد: وفاة جورج حبش
اغفر لنا محبتنا... يا حكيم
بقلم: د.وليد نصار
في الحادي عشر من كانون أول/ديسمبر، صبيحة أحد طلق كوجه طفل يغفو على ثدي أم ترضع الخير، وُلدنا.
وفي كل عام، أيها المسافر في دمنا والمبحر في شريان الذاكرة، أرتديك لحما وعطرا، أجدد صلتي بك وأخبيء طيفك في بؤبؤ العينين، وحين تضيق بي الأرض والسماء، ويجافيني أو ينساني أخوة ورفاق لي أحبهم، أراك وحدك نورا للحب ومصدرا للفجر الندي.
في عينيك نور من سماء لا يراه إلا من أحبك، فلم لم تتركني لآخذ البرد والنار والموت عنك.. كي أحميك منا.
يا حكيم..
لم أعتدك قاسيا إلى هذا الحد..
لم تركت قلبي المشاغب وحيدا؟ أليصبح ذكرى يغنيها الشعّار على رباب من نقر حنين ودموع؟.
نعم جعلتني أبكي.. ومن قال أن دموع الرجال أصعب الدموع؟
ألم تعلمنا أن أصعب الدموع تلك التي نذرفها على صدر أم أو على تراب وطن؟ وأنت كنت لي الحلم وما تبقى من وطن.
*** ***
يا حكيم..
لم هذا الرحيل المفاجيء؟
هل كنا أبناء عاقين؟
هل تعبت منا ومن هروعنا إليك لنلقي بهمومنا في قلبك المتعب؟
إغفر لنا محبتنا.. لكننا كنا نرى فيك المرفأ ومرساة الجرح الأخيرة.
يا حكيم..
أيها الرفيق .. الرقيق .. الحنون حتى العظم..
الليلة لم أستطع النوم .. متجمد أمام التلفاز لأشارك من خلاله موكب عرسك الأخير.. غفت عيني قليلا فرأيت أبو هاني في الحلم يوقظني ويقول لي: إذا أردت أن تضيف إلى همك هما جديدا، فاعشق الوطن.
لكنك تعرف أنني منذ المخاض الأول أعشق الوطن، وأنتمي إليه، كما علمتنا انتماء الإبن لا انتماء السمسار أو انتماء الحلاب إلى بقرة ذات ضرع.
أنتمي إليه كما علمتنا أنت، لحزنه وشقوة عينيه، في قوته وفي شلله، لأنه أنجبنا من خابية حزنه العتيقة، فكبرنا حادّون كشمسه، مقهورون كأرضه، ولم نتنكر لأحد أبنائه.
كم غنينا لفلسطين، وها هي فلسطين لا تجيء إلينا، ولا تتركنا نأتي إليها.
وكم صلينا لآلام فلسطين، لكن فلسطين لم تخلصنا.
هل أصبح الموت أحن من الناصرة ومن تراب يافا واللد؟
هل ستكون فلسطين هي نفسها من بعدك؟
هل سيكون لكلمة ثورة طعم من بعدك؟
كيف سيكون مذاق الموسيقا والشعر وصوت وفيروز؟
أجبني يا أبي..
أجبني..
*** ***
أيها الآب..لا أصدق أنها المرة الأخيرة التي أناديك بها يا أبي؟
يا أبي..
أدرك الآن أن بلادنا مؤجلة، لكن اطمئن.. فنحن نحاول أن نثبت الحلم واللون والريح في الذاكرة، ورغم الألم فإن معنوياتنا وأرواحنا مثل خشب البلوط ...
ولن ننتحر كما يتمنى البعض .. بل سنظل داخل النضال ضد الثورجيين وضد العوج.
يا أبي..
سوف تبقى بوصلتنا إذا صارت برسم واحد كل الجهات. وقي كل يوم سوف أنقش وجهك الحنطي آيات لسفح القلب الكنعاني، وأتذكر كم رضعت من الحنين فأصرخ ملىء حلمي: يعلمني حنيني أنه حتى الجبابرة أقزام أمام الوطن. لكن تكاَثُر الأقزام في بلادنا، حتى أنهم غزوا حلمنا.. ينظرون في أعيننا، يراقبون نبرة صوتنا..
لقد أصبحوا شرطة.. وزرعوا داخل كل منا شرطي.
*** ***
يا أبي ...
أقبّل قلبك، وأطمئنك بأننا مستمرون في العناد وركب الرأس، فمثلك هم ذاكرتنا حين تخوننا الذاكرة.. أنتِ دمنا يا رفيق .. يشدنا إليك رباط الرغيف والحرية والحلم. ففلسطين التي من أجلها جعنا، وعرينا، وحلمنا وغنينا، وجرحنا واعتقلنا، سيكون الغد الآتي لها.
يا أبي .. أنا لا أرثيك .. لكنني أودعك الآن بالزغاريد ونثر الأرز ودموع الرجال..
يا أبي..
سلم لنا على غسان وأبو علي ووديع وأبو أحمد الزعتر ورفيق دربك جورج حاوي، وأبلغهم أننا في غيابهم ازددنا إيمانا بأننا وحدنا ورثة هذا الوطن، نضم زيتونته إلى الصدر الفسيح رغم ضيق الطريق.
نعم يا أبي .. إن الطريق ضيق.
ومن قال أن الملكوت يؤتى إليه من الباب الواسع؟.
وإلى لقاء قريب..
* د. وليم نصار، مؤلف موسيقي، أكاديمي وكاتب عربي يعيش في المنفى
بقلم: د.وليد نصار
في الحادي عشر من كانون أول/ديسمبر، صبيحة أحد طلق كوجه طفل يغفو على ثدي أم ترضع الخير، وُلدنا.
وفي كل عام، أيها المسافر في دمنا والمبحر في شريان الذاكرة، أرتديك لحما وعطرا، أجدد صلتي بك وأخبيء طيفك في بؤبؤ العينين، وحين تضيق بي الأرض والسماء، ويجافيني أو ينساني أخوة ورفاق لي أحبهم، أراك وحدك نورا للحب ومصدرا للفجر الندي.
في عينيك نور من سماء لا يراه إلا من أحبك، فلم لم تتركني لآخذ البرد والنار والموت عنك.. كي أحميك منا.
يا حكيم..
لم أعتدك قاسيا إلى هذا الحد..
لم تركت قلبي المشاغب وحيدا؟ أليصبح ذكرى يغنيها الشعّار على رباب من نقر حنين ودموع؟.
نعم جعلتني أبكي.. ومن قال أن دموع الرجال أصعب الدموع؟
ألم تعلمنا أن أصعب الدموع تلك التي نذرفها على صدر أم أو على تراب وطن؟ وأنت كنت لي الحلم وما تبقى من وطن.
*** ***
يا حكيم..
لم هذا الرحيل المفاجيء؟
هل كنا أبناء عاقين؟
هل تعبت منا ومن هروعنا إليك لنلقي بهمومنا في قلبك المتعب؟
إغفر لنا محبتنا.. لكننا كنا نرى فيك المرفأ ومرساة الجرح الأخيرة.
يا حكيم..
أيها الرفيق .. الرقيق .. الحنون حتى العظم..
الليلة لم أستطع النوم .. متجمد أمام التلفاز لأشارك من خلاله موكب عرسك الأخير.. غفت عيني قليلا فرأيت أبو هاني في الحلم يوقظني ويقول لي: إذا أردت أن تضيف إلى همك هما جديدا، فاعشق الوطن.
لكنك تعرف أنني منذ المخاض الأول أعشق الوطن، وأنتمي إليه، كما علمتنا انتماء الإبن لا انتماء السمسار أو انتماء الحلاب إلى بقرة ذات ضرع.
أنتمي إليه كما علمتنا أنت، لحزنه وشقوة عينيه، في قوته وفي شلله، لأنه أنجبنا من خابية حزنه العتيقة، فكبرنا حادّون كشمسه، مقهورون كأرضه، ولم نتنكر لأحد أبنائه.
كم غنينا لفلسطين، وها هي فلسطين لا تجيء إلينا، ولا تتركنا نأتي إليها.
وكم صلينا لآلام فلسطين، لكن فلسطين لم تخلصنا.
هل أصبح الموت أحن من الناصرة ومن تراب يافا واللد؟
هل ستكون فلسطين هي نفسها من بعدك؟
هل سيكون لكلمة ثورة طعم من بعدك؟
كيف سيكون مذاق الموسيقا والشعر وصوت وفيروز؟
أجبني يا أبي..
أجبني..
*** ***
أيها الآب..لا أصدق أنها المرة الأخيرة التي أناديك بها يا أبي؟
يا أبي..
أدرك الآن أن بلادنا مؤجلة، لكن اطمئن.. فنحن نحاول أن نثبت الحلم واللون والريح في الذاكرة، ورغم الألم فإن معنوياتنا وأرواحنا مثل خشب البلوط ...
ولن ننتحر كما يتمنى البعض .. بل سنظل داخل النضال ضد الثورجيين وضد العوج.
يا أبي..
سوف تبقى بوصلتنا إذا صارت برسم واحد كل الجهات. وقي كل يوم سوف أنقش وجهك الحنطي آيات لسفح القلب الكنعاني، وأتذكر كم رضعت من الحنين فأصرخ ملىء حلمي: يعلمني حنيني أنه حتى الجبابرة أقزام أمام الوطن. لكن تكاَثُر الأقزام في بلادنا، حتى أنهم غزوا حلمنا.. ينظرون في أعيننا، يراقبون نبرة صوتنا..
لقد أصبحوا شرطة.. وزرعوا داخل كل منا شرطي.
*** ***
يا أبي ...
أقبّل قلبك، وأطمئنك بأننا مستمرون في العناد وركب الرأس، فمثلك هم ذاكرتنا حين تخوننا الذاكرة.. أنتِ دمنا يا رفيق .. يشدنا إليك رباط الرغيف والحرية والحلم. ففلسطين التي من أجلها جعنا، وعرينا، وحلمنا وغنينا، وجرحنا واعتقلنا، سيكون الغد الآتي لها.
يا أبي .. أنا لا أرثيك .. لكنني أودعك الآن بالزغاريد ونثر الأرز ودموع الرجال..
يا أبي..
سلم لنا على غسان وأبو علي ووديع وأبو أحمد الزعتر ورفيق دربك جورج حاوي، وأبلغهم أننا في غيابهم ازددنا إيمانا بأننا وحدنا ورثة هذا الوطن، نضم زيتونته إلى الصدر الفسيح رغم ضيق الطريق.
نعم يا أبي .. إن الطريق ضيق.
ومن قال أن الملكوت يؤتى إليه من الباب الواسع؟.
وإلى لقاء قريب..
* د. وليم نصار، مؤلف موسيقي، أكاديمي وكاتب عربي يعيش في المنفى
normalien- عضو جديد
- عدد الرسائل : 34
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 17/12/2007
رد: وفاة جورج حبش
رحيل رجل صعب...
عيسى قراقع
وأخيراً... وبوجع امتدّ أكثر من ثمانين عاماً رحل القائد الفلسطيني الكبير جورج حبش...
هو الذي نجا من فخاخ الموت كثيراً، كان مشغولاً في إحضار المنفى من الغياب، عدّل واقع الهزيمة وغيرّ الألوان... جعل للجسد مكاناً واسماً وهوية ورائحة وصورة لا تذريها الرياح، أو ترميها في المؤقت والوصايات وفراغ العبارات.
كان رجلاً صعباً، لا يتوه في وهم المترادفات... يجيد التحولات من الفكرة إلى الصرخة، ومن حزن الخيمة البائسة إلى نار البنادق وبرتقال الحقول...
ودائماً كان له خريطة سياسية بتمرد على املاءات الأساطير، يتخذ شكل الضوء إذا حل الظلام، وشكل الشجرة إذا لاحت في السماء غيوم...
نحن الجيل الذي استيقظ على صوته، ينادي على أسماءنا ويعدد أوصافنا، يدعونا أن نخرج من الملاجئ وأن نبدأ من جديد...
الرجل هو الفكرة، صارت الفكرة هي الجمرة، وهو الذي كره المواعيد المسكونة بالمستحيل، وأطل على الشرفات فدائياً مقترباً من هدير الصمت وعويل الجروح المبحرة في الشتات.
قال: فينا من وحدة الدم ما يطرد خرافة الغزاة... وفينا من البطولة ما يمحو الظلم ويحقق العدالة والانتصار.
قال: فينا من التاريخ والثقافة ما يحقق مشروعنا الوطني الديمقراطي الإنساني، وفينا من التعددية ما يحمي مستقبلنا من التسلط الفكري والاستبداد ويصنع الحضارة.
دعو الضحية تخرج من الكابوس وثوب الطاعة نداً يتحدث عن أرضٍ وغدٍ ونشيدٍ، سيداً لا يستأذن أحداً ولا تغريه أي عاصمةٍ سوى القدس.
مات جورج حبش، المدرسة، الكوشان الأول، الطائر الذي ظل محلقاً في حواس الوعي، الأول في التاريخ الذي صار موته امتداداً لحلمه وذاكرته جناحين لا يهدآن...
هو الرجل الصعب، لم يفاوض سوى روحه، طافح بالوجع، لم يصافح غير الفقراء، مستمرٌ في معركة الوقت، كأنه يملك وعداً سماوياً، يطل علينا كل حين...
الوحيد الذي استطاع أن يجمع بين الوطني والقومي، بين الإنساني والعالمي، قال الحقيقة عندما رفض أن يصالح دبابات الاحتلال، وأن يموت هكذا في سلام نشيد بيتار وموسيقى مستوطنات الليل ورعب الجدار...
من يحتج علينا، من يؤنبنا بعد الآن، يروي قصتنا كلما حاولنا الاعتذار، يناقشنا في كل التفاصيل قبل أن نوقع بالقلم أو نقفز في الريح ونكون من الخاسرين...
إقرأوا جورج حبش، مرآةٌ تواجه الذات فينا، لا زيف على الوجوه والكلمات، بدأ بفكرة ولا زال يبحث عن مستقر لها، يضعها بين أيدينا، كغصن زيتون أو قنبلة.
جورج حبش سقط موجوعاً، عالياً كتحية الشهداء، قتله الانفصالُ والانقسام والانقلاب ولون الدم في غزة وابتعاد الزمان عن المكان...
لم يمت على أرضه، إنما في أرض الغمام، مقتنعاً أن له أرض في السماء، وأن الموتى لا يستسلمون، لهم رايات وأصوات كالأحياء، يأتون عند الفجر مطراً، نشيداً سومرياً وأغاني...
كيف استطاع جورج حبش أن يحتمل ثمانين عاماً في البرد؟؟؟ لم نره في الفنادق يشرب الشاي الساخن مع جنرالات المحتلين ويندمج في الحكاية والصدى...
كيف استطاع أن يستنشق الأوكسجين؟ وهو يرى الحصار والتجويع والمعازل والحواجز والجنازات وغبار القتلى ورماد الأسرى في الزنازين، وأرض كبيرة تصيرُ سجناً تحت يافطة جميلة عن السلام.
عذبوه عندما أطالوا الرواية، وعذبوه عندما اعتقلوا أفكاره في المؤتمرات، واعتبروه مجرد حارس على بوابة رام الله، لا يناقش جندية إسرائيلية تمنعه من المرور لأن في جسده ملح وحديد وحنين.
ثمانون عاماً وهو يتلفت إلى ساعته، قد يعود إلى اللد، يراوغ الوقت والموت معاً، وفي كل سنة يزور أسراره، ويفّرغ جسده من حمولة الألم، كي لا يصيبه النسيان أو يقتله وجع الذاكرة والأرق...
من قتل جورج حبش؟؟؟ البراغماتية السياسية التي عمّقت الاحتلال في حياتنا وتركتنا بلا جغرافيا، أيتاماً نكتفي بالمجازات والرموز؟ أم عدم القدرة على الجمع بين الأمل والزمن للخروج من حاضر الموت والعدم...
رجل صعب، اختار الطريق إلى الممكن: التحف بثوب الكرامة، طل ممتنعاً عن الاهانة، رفض أن يبقى مشيعاً أو مستمعاً، لا يريد أن يظل مقتولاً أو رثاءً لمذبحة...
صعد على روحه... أعطته قوة حصان وانطلق...
عيسى قراقع
وأخيراً... وبوجع امتدّ أكثر من ثمانين عاماً رحل القائد الفلسطيني الكبير جورج حبش...
هو الذي نجا من فخاخ الموت كثيراً، كان مشغولاً في إحضار المنفى من الغياب، عدّل واقع الهزيمة وغيرّ الألوان... جعل للجسد مكاناً واسماً وهوية ورائحة وصورة لا تذريها الرياح، أو ترميها في المؤقت والوصايات وفراغ العبارات.
كان رجلاً صعباً، لا يتوه في وهم المترادفات... يجيد التحولات من الفكرة إلى الصرخة، ومن حزن الخيمة البائسة إلى نار البنادق وبرتقال الحقول...
ودائماً كان له خريطة سياسية بتمرد على املاءات الأساطير، يتخذ شكل الضوء إذا حل الظلام، وشكل الشجرة إذا لاحت في السماء غيوم...
نحن الجيل الذي استيقظ على صوته، ينادي على أسماءنا ويعدد أوصافنا، يدعونا أن نخرج من الملاجئ وأن نبدأ من جديد...
الرجل هو الفكرة، صارت الفكرة هي الجمرة، وهو الذي كره المواعيد المسكونة بالمستحيل، وأطل على الشرفات فدائياً مقترباً من هدير الصمت وعويل الجروح المبحرة في الشتات.
قال: فينا من وحدة الدم ما يطرد خرافة الغزاة... وفينا من البطولة ما يمحو الظلم ويحقق العدالة والانتصار.
قال: فينا من التاريخ والثقافة ما يحقق مشروعنا الوطني الديمقراطي الإنساني، وفينا من التعددية ما يحمي مستقبلنا من التسلط الفكري والاستبداد ويصنع الحضارة.
دعو الضحية تخرج من الكابوس وثوب الطاعة نداً يتحدث عن أرضٍ وغدٍ ونشيدٍ، سيداً لا يستأذن أحداً ولا تغريه أي عاصمةٍ سوى القدس.
مات جورج حبش، المدرسة، الكوشان الأول، الطائر الذي ظل محلقاً في حواس الوعي، الأول في التاريخ الذي صار موته امتداداً لحلمه وذاكرته جناحين لا يهدآن...
هو الرجل الصعب، لم يفاوض سوى روحه، طافح بالوجع، لم يصافح غير الفقراء، مستمرٌ في معركة الوقت، كأنه يملك وعداً سماوياً، يطل علينا كل حين...
الوحيد الذي استطاع أن يجمع بين الوطني والقومي، بين الإنساني والعالمي، قال الحقيقة عندما رفض أن يصالح دبابات الاحتلال، وأن يموت هكذا في سلام نشيد بيتار وموسيقى مستوطنات الليل ورعب الجدار...
من يحتج علينا، من يؤنبنا بعد الآن، يروي قصتنا كلما حاولنا الاعتذار، يناقشنا في كل التفاصيل قبل أن نوقع بالقلم أو نقفز في الريح ونكون من الخاسرين...
إقرأوا جورج حبش، مرآةٌ تواجه الذات فينا، لا زيف على الوجوه والكلمات، بدأ بفكرة ولا زال يبحث عن مستقر لها، يضعها بين أيدينا، كغصن زيتون أو قنبلة.
جورج حبش سقط موجوعاً، عالياً كتحية الشهداء، قتله الانفصالُ والانقسام والانقلاب ولون الدم في غزة وابتعاد الزمان عن المكان...
لم يمت على أرضه، إنما في أرض الغمام، مقتنعاً أن له أرض في السماء، وأن الموتى لا يستسلمون، لهم رايات وأصوات كالأحياء، يأتون عند الفجر مطراً، نشيداً سومرياً وأغاني...
كيف استطاع جورج حبش أن يحتمل ثمانين عاماً في البرد؟؟؟ لم نره في الفنادق يشرب الشاي الساخن مع جنرالات المحتلين ويندمج في الحكاية والصدى...
كيف استطاع أن يستنشق الأوكسجين؟ وهو يرى الحصار والتجويع والمعازل والحواجز والجنازات وغبار القتلى ورماد الأسرى في الزنازين، وأرض كبيرة تصيرُ سجناً تحت يافطة جميلة عن السلام.
عذبوه عندما أطالوا الرواية، وعذبوه عندما اعتقلوا أفكاره في المؤتمرات، واعتبروه مجرد حارس على بوابة رام الله، لا يناقش جندية إسرائيلية تمنعه من المرور لأن في جسده ملح وحديد وحنين.
ثمانون عاماً وهو يتلفت إلى ساعته، قد يعود إلى اللد، يراوغ الوقت والموت معاً، وفي كل سنة يزور أسراره، ويفّرغ جسده من حمولة الألم، كي لا يصيبه النسيان أو يقتله وجع الذاكرة والأرق...
من قتل جورج حبش؟؟؟ البراغماتية السياسية التي عمّقت الاحتلال في حياتنا وتركتنا بلا جغرافيا، أيتاماً نكتفي بالمجازات والرموز؟ أم عدم القدرة على الجمع بين الأمل والزمن للخروج من حاضر الموت والعدم...
رجل صعب، اختار الطريق إلى الممكن: التحف بثوب الكرامة، طل ممتنعاً عن الاهانة، رفض أن يبقى مشيعاً أو مستمعاً، لا يريد أن يظل مقتولاً أو رثاءً لمذبحة...
صعد على روحه... أعطته قوة حصان وانطلق...
أميمة- عضو بارز
- عدد الرسائل : 37
العمر : 38
الموقع : أمام الحاسوب
تاريخ التسجيل : 21/12/2007
رد: وفاة جورج حبش
من هو القائد القومي جورج حبش
|
معز الجماعي- عضو جديد
- عدد الرسائل : 3
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 24/01/2008
رد: وفاة جورج حبش
اليكم هذا النصّ الرائع الذي رثى فيه الحكيم الراحل آبو عمّار. هذا النصّ يلخّص ببلاغة لّ مناقب القائد جورج حبش ورفعة روحه وسموّه الأخلاقي وعدم ضياع البوصلة عنده. فلستلهم من أخلاق هذا الجبل العظيم.
كلمة حق في «الرئيس»...وشعب«يا جبل ما يهزك ريح»
بقلم الدكتور جورج حبش
مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
لقد رحل «أبو عمار» وغاب عن ساحة النضال ، غاب عن الدنيا وهو شاغلها ، غاب عن فلسطين التي أحبها وأحبته ولم يزل المسير نحوها ، لم يتوقف ولم يزل شلال الدم الفلسطيني يتدفق على أرضها ووديانها وهضابها، ولم تزل المقاومة الفلسطينية تقاوم وتعاند املاءات القوة والبطش والجبروت الأميركي- الصهيوني.
هي وحدها لحظات الرحيل الأبدي التي تترك صدق المشاعر ونيل المقاصد ، مشاعر الحزن على قائد ترك بصماته واضحة على مسار قضيته فلسطين ، مشاعر تخلو من حسابات ومعايير السياسة ومعاركها.
نحن اليوم نفتقد مناضلا مثابرا وقائدا وسياسيا ورمزا ورئيسا للشعب الفلسطيني كرس شبابه وعمره كله في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني وفي خدمة قضايا وطنه وشعبه، نفتقد قائدا كان حتى الأمس يشكل ركنا حيا من أركان الرواية الفلسطينية بطبعتها المعاصرة.
إن تاريخ الرجل بنضاله يندغم بتاريخ القضية كما اندغم تاريخ المجاهد عز الدين القسام والحسيني و«أبو جهاد» وغسان كنفاني وأبو علي مصطفى واحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي و« أبو العباس» وكل قيادات الشعب الفلسطيني التي رحلت في صفحات التاريخ الفلسطيني، اندغم تاريخه نضاله بفلسطين ليعطيها سفرا مضافا وصفحات جديدة تحكي الرواية.
لقد شكل بنضاله ورمزيته فصلا كاملا من « التغريبة الفلسطينية» طيلة أربعين عاما، من النضال.
ان للشهداء والمناضلين الراحلين حقا علينا أن نذكر محاسنهم(«اذكروا محاسن موتاكم») وفاء لهم وعهدا قطعناه معهم بأن نستمر في المسيرة، فقد أعطى «أبو عمار» جل جهده لفلسطين ولشعبه.
أربعون عاما ثابر فيها وقاتل وقاوم وصارع وقاد الشعب الفلسطيني من محطة إلى محطة ومن زمن إلى زمن ومن موقف إلى موقف وظل صامدا في وجه المطالب الأميركية والصهيونية بدفن القضية ووأد حق العودة.
إنها لحظات يستذكر المرء فيها تلك التجربة الطويلة المريرة والمتعرجة من النضال الوطني الفلسطيني المعاصر وهو على رأسها.
شريط الأحداث لا ينقطع من بث الصور والمشاهد وتداعيات الأحداث منذ الرصاصة الأولى وتفجير الثورة المعاصرة و« معركة الكرامة» ورحيل الثورة من الأردن بعد معارك أيلول وجرش وعجلون والحرب على لبنان واجتياح بيروت والصمود الفلسطيني طيلة 88 يوما ورحيل الثوار في مشهد سريالي، وهم مجللون بأكاليل الغار ودموع المظلومين والمقهورين تودعهم على شواطئ بيروت.
انتفاضة فلسطين الأولى والانزلاق الأخير نحو أوسلو وانتفاضة الأقصى التي تحولت إلى مقاومة لا تنطفئ جذوتها وكان مشهدها الأخير حصار الرجل لوقف دوره ونضاله في قلعة المقاطعة شريط من الأحداث لا يتوقف حيث محطات العمل السياسي كثيرة ، فقد كان «أبو عمار» حاضرا وفاعلا ورابط الجأش بكل رمزيته وكوفيته وحيويته ومثابرته، طيلة هذا الشريط من التجربة الطويلة.
واسأل نفسي من كان يستطيع أن يعبر هذه التجربة الطويلة وهذه المحطات السياسية والعسكرية التي تقاطعت فيها حروب الأعداء التي لم تتوقف مع المؤامرات السياسية التي لم تزل مع العجز والصمت العربي الرسمي (!) على مذابح الشعب الفلسطيني طيلة عقود.
لقد عبرها «أبو عمار» مع شعبه الفلسطيني وفصائل الثورة الفلسطينية دون أن تلين له قناة أو تضعف عزيمته.
كان رفيق درب وقائد ثورة ورئيس سلطة حيث اختلفنا كثيرا وتوافقنا كثيرا وتوحدنا وتباعدنا وتقاربنا، لكنها فلسطين وحدها كانت الوسيط الأهم لتوحدنا مرة تلو مرة حيث هي الغاية والهدف.
فقد كانت فلسطين بثورتها وشعبها وشهدائها وأسراها اكبر من أي خلاف أو تنافر فقد كانت فلسطين هي الروح التي نستمد منها العزم والتصميم والالتحام والتوحد.
ورحل الرئيس المناضل ولم تزل فلسطين هي الموحد القوي لقوى شعبنا الفلسطيني وأطيافه وشرائحه في قراه ومدنه ومنافيه.
في هذه المناسبة الأليمة على شعبنا، علينا أن نتحلى بالشجاعة والإرادة والتصميم ونردد أمام عدونا الصهيوني وكل من يتربص بنا شرا وضررا ، كلمة أستعيرها من الأخ «أبو عمار» وهي «يا جبل ما يهزك ريح» فلن تؤثر في صمودنا هوائل الزمن ولن ينل من عزيمتنا غياب القادة ورحيل الرموز بل هي مناسبة لتحويل أحزاننا إلى أفعال وبرامج ومواصلة للنضال وتوهج للإبداع الفلسطيني في تجاوز مصاعبه.
يجب علينا أن نحول رمزية «أبو عمار» إلى رمزية وقدسية فلسطين ورمزية المؤسسة التي لا ترحل، فاشتقاق النموذج الفلسطيني في النضال والقيادة والسلطة يجب أن يتمظهر بصور حية عبر قدرة شعبنا على تجاوز شدائده ومحنه، فالشعب الفلسطيني اليوم هو أحوج ما يكون إلى الوحدة الوطنية ورص الصفوف ومغادرة مواقع الخلاف والتنافر والسير موحدين عبر هذا المارثون الفلسطيني الطويل الذي لم نقطعه بعد ، وهو أمر يفرض ويستوجب من القوى الوطنية والإسلامية والسلطة الفلسطينية أن تعمل وتبحث عن الصيغ الممكنة والمناسبة لقيادة الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله وانتفاضته الشعبية.
على شعبنا أن ينظم صفوفه وأفعاله وسياساته وتكتيكاته عبر مؤسساته الوطنية التي بناها بدماء الشهداء وجهد المناضلين والقادة.
ان مفصلا هاما وضروريا في رؤيتنا الاستراتيجية وتكتيكنا الوطني يجب أن يتوضح عبر الحفاظ على دور ووظيفة منظمة التحرير، هذا الدور الذي حدده الميثاق الوطني الفلسطيني في سياق الرؤية الفلسطينية للصراع العربي - الصهيوني، الأمر الذي يستلزم الوعي الاستراتيجي لأهمية إعادة الاعتبار للمنظمة وبنائها على أساس سياسة ديموقراطية كي تتحمل المسؤولية التاريخية في قيادة نضال الشعب الفلسطيني على المستوى العالمي وكي تبقى الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والذي مثلته طوال ثلاثين عاما واكثر أمام العالم بدوله ومؤسساته ورأيه العام.
أيها الرئيس والأخ ورفيق الدرب لقد أعطيت الكثير الكثير لشعبك ووطنك و فلسطينك، وحولت قضية شعبك من قضية إنسانية إلى قضية سياسية مشروعة وحق وطني مسلوب أمام كل المؤسسات الدولية واجتهدت وأصبت كما اجتهدت وأخطأت ولك ما لك وعليك ما عليك
غير أن التاريخ يسجل لك أن فلسطين كانت حلمك والدولة الفلسطينية كانت هاجسك ومسعاك وقبلتك ، وكنت رابط الجأش تردد دائما أمام الصعاب والحصار: « يا جبل ما يهزك ريح» ، ونحن اليوم إذ نودعك نعاهدك ونعاهد كل الشهداء أن فلسطين ستبقى الحلم والبوصلة التي لن تحرك المسار.
أيها الرئيس الراحل، إنها لحظات قاسية على شعبنا أمام مشهد الوداع الأبدي، فقد كنت اكبر من الحصار ولم يستطع أن يفك حصارك أحد ، لكنه وحده الموت الذي فك حصارك ، فسلاما إلى روحك الطاهرة وسلاما لكل أرواح الشهداء.
التاريخ :- 12/01/2005
كلمة حق في «الرئيس»...وشعب«يا جبل ما يهزك ريح»
بقلم الدكتور جورج حبش
مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
هي وحدها لحظات الرحيل الأبدي التي تترك صدق المشاعر ونيل المقاصد ، مشاعر الحزن على قائد ترك بصماته واضحة على مسار قضيته فلسطين ، مشاعر تخلو من حسابات ومعايير السياسة ومعاركها.
نحن اليوم نفتقد مناضلا مثابرا وقائدا وسياسيا ورمزا ورئيسا للشعب الفلسطيني كرس شبابه وعمره كله في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني وفي خدمة قضايا وطنه وشعبه، نفتقد قائدا كان حتى الأمس يشكل ركنا حيا من أركان الرواية الفلسطينية بطبعتها المعاصرة.
إن تاريخ الرجل بنضاله يندغم بتاريخ القضية كما اندغم تاريخ المجاهد عز الدين القسام والحسيني و«أبو جهاد» وغسان كنفاني وأبو علي مصطفى واحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي و« أبو العباس» وكل قيادات الشعب الفلسطيني التي رحلت في صفحات التاريخ الفلسطيني، اندغم تاريخه نضاله بفلسطين ليعطيها سفرا مضافا وصفحات جديدة تحكي الرواية.
لقد شكل بنضاله ورمزيته فصلا كاملا من « التغريبة الفلسطينية» طيلة أربعين عاما، من النضال.
ان للشهداء والمناضلين الراحلين حقا علينا أن نذكر محاسنهم(«اذكروا محاسن موتاكم») وفاء لهم وعهدا قطعناه معهم بأن نستمر في المسيرة، فقد أعطى «أبو عمار» جل جهده لفلسطين ولشعبه.
أربعون عاما ثابر فيها وقاتل وقاوم وصارع وقاد الشعب الفلسطيني من محطة إلى محطة ومن زمن إلى زمن ومن موقف إلى موقف وظل صامدا في وجه المطالب الأميركية والصهيونية بدفن القضية ووأد حق العودة.
إنها لحظات يستذكر المرء فيها تلك التجربة الطويلة المريرة والمتعرجة من النضال الوطني الفلسطيني المعاصر وهو على رأسها.
شريط الأحداث لا ينقطع من بث الصور والمشاهد وتداعيات الأحداث منذ الرصاصة الأولى وتفجير الثورة المعاصرة و« معركة الكرامة» ورحيل الثورة من الأردن بعد معارك أيلول وجرش وعجلون والحرب على لبنان واجتياح بيروت والصمود الفلسطيني طيلة 88 يوما ورحيل الثوار في مشهد سريالي، وهم مجللون بأكاليل الغار ودموع المظلومين والمقهورين تودعهم على شواطئ بيروت.
انتفاضة فلسطين الأولى والانزلاق الأخير نحو أوسلو وانتفاضة الأقصى التي تحولت إلى مقاومة لا تنطفئ جذوتها وكان مشهدها الأخير حصار الرجل لوقف دوره ونضاله في قلعة المقاطعة شريط من الأحداث لا يتوقف حيث محطات العمل السياسي كثيرة ، فقد كان «أبو عمار» حاضرا وفاعلا ورابط الجأش بكل رمزيته وكوفيته وحيويته ومثابرته، طيلة هذا الشريط من التجربة الطويلة.
واسأل نفسي من كان يستطيع أن يعبر هذه التجربة الطويلة وهذه المحطات السياسية والعسكرية التي تقاطعت فيها حروب الأعداء التي لم تتوقف مع المؤامرات السياسية التي لم تزل مع العجز والصمت العربي الرسمي (!) على مذابح الشعب الفلسطيني طيلة عقود.
لقد عبرها «أبو عمار» مع شعبه الفلسطيني وفصائل الثورة الفلسطينية دون أن تلين له قناة أو تضعف عزيمته.
كان رفيق درب وقائد ثورة ورئيس سلطة حيث اختلفنا كثيرا وتوافقنا كثيرا وتوحدنا وتباعدنا وتقاربنا، لكنها فلسطين وحدها كانت الوسيط الأهم لتوحدنا مرة تلو مرة حيث هي الغاية والهدف.
فقد كانت فلسطين بثورتها وشعبها وشهدائها وأسراها اكبر من أي خلاف أو تنافر فقد كانت فلسطين هي الروح التي نستمد منها العزم والتصميم والالتحام والتوحد.
ورحل الرئيس المناضل ولم تزل فلسطين هي الموحد القوي لقوى شعبنا الفلسطيني وأطيافه وشرائحه في قراه ومدنه ومنافيه.
في هذه المناسبة الأليمة على شعبنا، علينا أن نتحلى بالشجاعة والإرادة والتصميم ونردد أمام عدونا الصهيوني وكل من يتربص بنا شرا وضررا ، كلمة أستعيرها من الأخ «أبو عمار» وهي «يا جبل ما يهزك ريح» فلن تؤثر في صمودنا هوائل الزمن ولن ينل من عزيمتنا غياب القادة ورحيل الرموز بل هي مناسبة لتحويل أحزاننا إلى أفعال وبرامج ومواصلة للنضال وتوهج للإبداع الفلسطيني في تجاوز مصاعبه.
يجب علينا أن نحول رمزية «أبو عمار» إلى رمزية وقدسية فلسطين ورمزية المؤسسة التي لا ترحل، فاشتقاق النموذج الفلسطيني في النضال والقيادة والسلطة يجب أن يتمظهر بصور حية عبر قدرة شعبنا على تجاوز شدائده ومحنه، فالشعب الفلسطيني اليوم هو أحوج ما يكون إلى الوحدة الوطنية ورص الصفوف ومغادرة مواقع الخلاف والتنافر والسير موحدين عبر هذا المارثون الفلسطيني الطويل الذي لم نقطعه بعد ، وهو أمر يفرض ويستوجب من القوى الوطنية والإسلامية والسلطة الفلسطينية أن تعمل وتبحث عن الصيغ الممكنة والمناسبة لقيادة الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله وانتفاضته الشعبية.
على شعبنا أن ينظم صفوفه وأفعاله وسياساته وتكتيكاته عبر مؤسساته الوطنية التي بناها بدماء الشهداء وجهد المناضلين والقادة.
ان مفصلا هاما وضروريا في رؤيتنا الاستراتيجية وتكتيكنا الوطني يجب أن يتوضح عبر الحفاظ على دور ووظيفة منظمة التحرير، هذا الدور الذي حدده الميثاق الوطني الفلسطيني في سياق الرؤية الفلسطينية للصراع العربي - الصهيوني، الأمر الذي يستلزم الوعي الاستراتيجي لأهمية إعادة الاعتبار للمنظمة وبنائها على أساس سياسة ديموقراطية كي تتحمل المسؤولية التاريخية في قيادة نضال الشعب الفلسطيني على المستوى العالمي وكي تبقى الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والذي مثلته طوال ثلاثين عاما واكثر أمام العالم بدوله ومؤسساته ورأيه العام.
أيها الرئيس والأخ ورفيق الدرب لقد أعطيت الكثير الكثير لشعبك ووطنك و فلسطينك، وحولت قضية شعبك من قضية إنسانية إلى قضية سياسية مشروعة وحق وطني مسلوب أمام كل المؤسسات الدولية واجتهدت وأصبت كما اجتهدت وأخطأت ولك ما لك وعليك ما عليك
غير أن التاريخ يسجل لك أن فلسطين كانت حلمك والدولة الفلسطينية كانت هاجسك ومسعاك وقبلتك ، وكنت رابط الجأش تردد دائما أمام الصعاب والحصار: « يا جبل ما يهزك ريح» ، ونحن اليوم إذ نودعك نعاهدك ونعاهد كل الشهداء أن فلسطين ستبقى الحلم والبوصلة التي لن تحرك المسار.
أيها الرئيس الراحل، إنها لحظات قاسية على شعبنا أمام مشهد الوداع الأبدي، فقد كنت اكبر من الحصار ولم يستطع أن يفك حصارك أحد ، لكنه وحده الموت الذي فك حصارك ، فسلاما إلى روحك الطاهرة وسلاما لكل أرواح الشهداء.
التاريخ :- 12/01/2005
يساري وحدوي- عضو جديد
- عدد الرسائل : 8
العمر : 76
تاريخ التسجيل : 14/01/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى