بين الهُنا.. والهُناك...

بين الهُنا.. والهُناك...


تعلو عُلوّا كبيرا ولكنّكَ تضلُّ هنا..وتعجزُ عن أن تُصبحَ هناك.
هنا في عالَم فيه الحقيرُ والأحقرُ وفيه التّافهُ والذّي يدَّعي العلمَ بالأشياء جميعها.. وهناك يوجد من تراهُ يعشقُ تأمُّل الحياة و يسعى إلى أن تكون الحياةُ أجملَ حياة.. وترى نورًا تفقدُه هنا وترى طمأنينَةً لا يعيشُها إلاّ العُقلاء النُّبلاء وتراك تبحثُ هنا عن كيف تكونُ الأَفضل أمّا هُناك فالبقاء للأعقل ،البقاءُ للّذي يُحبُ الجمال و النُّور ويحبُّ أن يكتشفَ الحياة وأسرارَ النّبضات التي بها يعيش وبها ينكشفُ الصَّدر العليم.
يمكنُ أن تتوقَّف هنا عن التَّفكير لأنَّك تظُنُّ -وإنّ بعضَ الظنّ إثمٌ- أنَّك لستَ بحاجة للتّفكير وأنَّ السّماء بعيدةٌ لأنّها بعيدة والأرض تختلفُ تضاريسُها لأنَّها كالإنسان جسمٌ فيه تضاريس..ولكن هناك أنت تعجزُ عن التَّوقُّف عن التَّفكير لأنّك ترى كلَّ شيئ ينبضُ.. ترى الحياةَ في الطّفل وتراها أيضاً في الجبل والحجر.. فكيفَ يتوقَّفُ التَّفكيرُ في عالم البقاءُ فيه للحياة للنَبَضات..لتَكتكات العقل.
هناك بدأ النُّور كأنّه محضُ خيال ثُمَّ أصبحَ حَقيقة لأنّه تسرَّب إلى القلب وطرَق العُقولَ النّيام وأصبحَ النُّور السُّؤال.. أصبح الحياة وأنتَ فيها أيُها الإنسانُ مُحاطٌ بأَسئلة عظيمة.. أسئلة هي الحياة..
هناكَ السُّؤالُ هو الحياة وهنا وهمُ الحياة.
تأكُل و تشرب و تستنشق الهواء وتنام تنام تنام لترتاحَ ولكن راحتك مستَحيلة.. لأَنّك تعيشُ الحياةَ خارجَ السُّؤال..
تعيشُ لأنّك وُجدتَ في عالم فيه صراعٌ
من أجل الأرض و.. المرأة ،
من أجل لُقمة و.. شربة ماء ،
من أجل قوالب صُنعت من مادّة من دم من دمعة من.. أشلاء ،
من خرق تتدلَّى لتحجبَ عينيكَ عن هذا.. ال"هنا".
ولا ترى.. بل تشتمُّ العفنَ و تَضُنُّ أنَّه ريحٌ طيّبٌ وعطرُ الحياة هنا.
لم تسأل وطبيعَتُك اللاّسُؤَال عن مكان الإنسان عن الإنسان. وهُناك أيضاً لا أحدَ يسألُ عن مَن الإنسان لأنَّ النُورَ والظُلمَة ولأنَّ السُّؤالَ واللاَّسُؤال لا يهتمُّ إلاّ بالحياة أمّا الإنسان.. فأين الإنسان.. أينَ هو ذلكَ الإنسانُ الذي لا ينسى إنسانيَّتَهُ ؟؟