التلوث البيئي بالبحر الابيض المتوسط كتاب جديد
مناضلون في كل مكان مناضلون بلا عنوان :: ....الاجتماعي و التنموي :: في المسألة البيئية و التنمية المستديمة
صفحة 1 من اصل 1
التلوث البيئي بالبحر الابيض المتوسط كتاب جديد
ميدان هذا الكتاب هو البحر الأبيض المتوسط، أما موضوعه فهو لا
يقتصر على تلوثه ولا يتحدد به، بل يتناول العلاقة بين الدول المتشاطئة على البحر الأبيض المتوسط شمالاً وجنوباً، وبشكل أدق يتناول مسؤولية دول شمال المتوسط ذات التطور الاقتصادي والبيئي عن تلوث البحر المتوسط، وعلى وجه الخصوص شطآنه الجنوبية والشرقية.
<table class=pictable height="100%" cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" align=left bgColor=#fff5e6 border=0 valign="top"><tr><td class=piccell vAlign=center align=middle> </TD></TR> <tr><td class=comment vAlign=center align=middle bgColor=#fff5e6>البحر المتوسط اصبح مكبًا للنفايات </TD></TR></TABLE> |
والكتاب عبارة عن دراسة جديدة عن تلوث البحر الأبيض المتوسط بعين "جنوبية" لما ألحق الشماليون به من إنهاك.
المسألة البيئية بين الشمال والجنوب
يؤرخ الباحث لظهور المسألة البيئية في الشمال بقيام الثورة الصناعية وبزوغ نمط الإنتاج الرأسمالي، وتجمع أعداد متزايدة من السكان في المدن تبعاً لذلك، حيث يبدأ الأثر البيئي للنشاط البشري يأخذ شكلاً نوعياً جديداً يتمثل في الاستثمار المكثف للموارد من جهة، والإنتاج المكثف للفضلات والنفايات من جهة ثانية.
وقد كان لتطور علم الوراثة ومكننة وكيمأة الزراعة، والتقدم الصحي الذي انعكس بزيادة متوسط أعمار البشر أثر كبير ومفصلي في المسألة البيئية في الشمال.
فالنمو السكاني الذي ينتج عن هذين العاملين تطلب معادلا مكافئاً له من النمو الاقتصادي، كي لا ينخفض متوسط معيشة السكان وهذا بحد ذاته مثّل ضغطاً على البيئة، سواء كان ذلك بسبب ازدياد الطلب على الموارد الطبيعية، أو بسبب أحمال التلوث الجديدة التي ستطلقها الأنشطة الاقتصادية الجديدة إلى البيئة.
أما المسألة البيئية في البلدان النامية فتأخذ أبعاداً خاصة نظراً للضغط الأشد فيها لكلا العاملين الرئيسين الحاكمين لجدلية التدهور البيئي وتزايد السكان ومتطلبات التنمية.
ويعتقد الباحث أن تخلف ثقافة البيئة يزيد من سوء الأمور في البلدان النامية، حيث يعتبر الكثير من سكان هذه البلاد أن حماية البيئة مسألة غير أولوية، بل هي مجرد موضة يستوردها وينشرها بعض المتغربين.
الحلقة المفرغة
يتساءل الباحث هل يمكن الفكاك من الحلقة الجهنمية المفرغة التي تضعنا فيها أنماط التنمية الاقتصادية (نمو فتدهور بيئي فتراجع نمو؟).
ويرى في إجابته على هذا التساؤل أنه في غياب نموذج تنموي بديل بين البلدان النامية أو حتى تجربة واعية، فإن الجواب يكون نظريا إلى حد ما، ومحكوما بتجارب بعض البلدان المتقدمة.
ويحمل الباحث مسؤولية الفكاك من هذه الأوضاع إلى الدولة التي من واجبها في البلد النامي -بصفتها نائباً عاماً مفترضاً عن المجتمع الحالي ومسؤولا تاريخياً عن المجتمع المستقبلي- أن ترسم السياسات وتضع التشريعات، وأن تبني المؤسسات الإدارية والأذرع الفنية القادرة على التصدي الفاعل والعاجل للمسألة البيئية وتحصن أوضاعها البيئية الداخلية والإقليمية والدولية، دون إفراط تنظيري بيئوي، ولا تفريط ذرائعي اقتصادي.
البيئة في العلاقات الدولية
يرى الباحث أن الأهمية المتزايدة التي تكتسبها المسألة البيئية في العلاقات الإقليمية ربما تسبب أزمات سياسية ونزاعات اقتصادية، قد تتطور إلى ما هو أبعد من ذلك، خصوصاً بين الدول المتجاورة أو المشتركة في نظم بيئية معيدة كالأنهار والبحار، نهر النيل على سبيل المثال.
ويتوقف الباحث عند موضوع البيئة والعلاقات الدولية والاقتصادية والسياسية، ويشير إلى نقل بعض الصناعات الأكثر تلويثا كصناعة الإسمنت وتوليد الكهرباء باستخدام زيت الوقود Fuel Oil، أو صناعة التخلص من النفايات السامة والمشعة بالتدوير و/أو الدفن، سواء بواسطة ما يدعى الاستثمار الأجنبي المباشر.Foreign Direct Investment (F D I)، أو بيع مصانع مستهلكة وتقنيات متقدمة وتوريد مخلفات إلى جهات وطنية، وذلك بتشجيع حكومي خفي أو معلن.
ويلاحظ الباحث أنه يجري بالمقابل استغلال ضعف قدرة البلدان النامية على الالتزام بالمعايير البيئية التي توصلت إليها البلدان المتقدمة من أجل التأسيس لفرض تمييز تجاري على منتجات معينة في العالم النامي، بذريعة أن إنتاجها قد ترافق مع إلحاق الضرر بالبيئة العالمية.
ويخلص الباحث إلى أن العالم يشهد بوادر توظيف مسألة حماية البيئة، من أجل التدخل متعدد المعايير في البلدان النامية، ربما للوصول إلى وضعها تحت نوع من "الوصاية البيئية" يتيح التدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون هذه البلدان بهدف فرض توجهات اقتصادية معينة.
البركة الزرقاء العتيقة تلوثت
يورد الباحث أن المتوسط هو أكبر بحر شبه مغلق في العالم وفق التعريف المعطى في المادة 122 من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 حول قانون البحار، إذ تبلغ مساحته 2.5 مليون كم2 بعمق وسطي يساوي 1.500 متر.
وهو يأخذ شكلاً استطالياً يبلغ طوله الأقصى من جبل طارق حتى بر الشام نحو 3.700 كم بعرض وسطي يبلغ 675 كم.
ويتبخر البحر المتوسط سنوياً بما يعادل متراً واحداً يتم تعويضه بواردات الهطل المطري المباشر فوق سطح البحر ومصب الأنهار والمسيلات المنتهية إليه وكذلك التدفقات المائية الواردة من البحرين الأسود ومرمرة عبر الدردنيل.
والجزء الباقي منه يتم تعويضه من محصلة الفارق الكمي بين تدفقي تيارين هائلين يعبران مضيق جبل طارق من المحيط الأطلسي.
يبلغ مجموع طول الشواطئ المحيطة بالبحر المتوسط 46 ألف كم، ويقدر المجموع الحالي لسكان البلدان المتشاطئة بنحو 470 مليون نسمة، يعيش أكثر من ثلثهم في المناطق الساحلية المتوسطية التي لا تزيد مساحتها عن سدس مجموع مساحة هذه البلدان.
يضاف لذلك قدوم نحو مائتي مليون سائح سنوياً إلى شواطئ البحر المتوسط المشمسة، ويبلغ عدد المدن التي يزيد سكانها على مائة ألف نسمة المشاطئة للمتوسط حوالي 120 مدينة يقع معظمها في الشواطئ الشمالية.
ويؤكد الباحث نقلاً عن بعض التقديرات أن 30% من إجمالي حجم التجارة الدولية ينشأ إما من مواني البحر المتوسط أو يتجه إليها، ويترجم ذلك على صفحة الماء بمجموع سنوي لعدد السفن العابرة للمتوسط الذي يصل إلى مائتي ألف سفينة.
وعليه يوجد على سطحه في أي لحظة 2.500 سفينة تجارية من مختلف الأنماط، بالإضافة لعشرات الآلاف من الزوارق والعائمات البحرية والغواصات متنوعة القياسات والأغراض.
ويضيف الباحث أن ثلث مجموع حركة النقل البحري العالمية للنفط والمشتقات النفطية تمر عبر المتوسط، إذ تعبره يومياً ثلاثمائة ناقلة نفط متفاوتة الحمولة، وذلك بسبب الموقع الجغرافي للمتوسط بين مجموعة من أهم البلدان المنتجة للنفط وأوروبا الصناعية.
وتبعاً لتقديرات مركز الطوارئ REMPEC التابع لخطة المتوسط في العام 2002 فقد يقع تسرب نفطي يومي في البحر المتوسط قدره 2.600 طن متري بالتشغيل العادي لعمليات الشحن والتفريغ أو بالحوادث البحرية الطارئة للناقلات.
تلويث البحر والبر
يتوصل الباحث من استعراض التلازم بين تلويث البحر وإفساد البيئة على البر في سلوك بعض الدول المتوسطية إلى تصنيف بلدان الحيز المتوسطي في ثلاث مجموعات يسميها كالآتي:
"مجموعة عليها" وهي أربعة بلدان ذات تنمية بشرية عالية (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وإسرائيل) فقد لوثت هذه البلدان المتوسط تراكمياً. ومازالت تلوثه راهناً بالجزء الأكبر، كما مارست أو ما تزال أعمالاً عدوانية أو استغلالية شملت غيرها من بلدان المتوسط.
وقد ساهمت هذه الأعمال مساهمة أساسية في تراكم الثروة والمعرفة لدى بلدان هذه المجموعة، وبالتالي امتلاكها قدرات عالية مادية وعلمية وتقنية ومؤسساتية، تساعدها على تطبيق التدابير اللازمة لمكافحة تلوث البحر. وتساهم هذه البلدان بثلاثة أرباع إجمالي التلوث
الحاصل في البحر
"مجموعة لها" وهي بلدان ذات تنمية بشرية متوسطة، معظمها عرب، لكنها جميعاً جنوبية آسيوية أو أفريقية، وهي: (ليبيا ولبنان وتونس والأراضي الفلسطينية المحتلة والجزائر وسوريا ومصر والمغرب والبوسنة والهرسك وألبانيا وتركيا) ذات الانتماء المزدوج الآسيوي الأوروبي.
هذه البلدان متضررة من التلوث وذات مساهمة ضئيلة في التسبب فيه تراكميا وراهنا، لكنها مرشحة مستقبلاً لمزيد من المساهمة مع نموها السكاني والاقتصادي الضاغط، دون أن تمتلك القدرات اللازمة لتطبيق تدابير المكافحة لكونها كانت ومازالت ضحية الممارسات الاستثمارية للمجموعة السابقة.
"مجموعة لا لها ولا عليها": وهي بلدان أوروبية، أقل تنمية بشرية من المجموعة الأولى، ولكنها أكثر تنمية من المجموعة الثانية، وهي: (اليونان وقبرص وسلوفينيا وكرواتيا وإمارة موناكو وجمهورية صربيا والجبل الأسود).
ولا يتجاوز مجموع أطوال الواجهات البحرية لبلدان المجموعة الأولى على المتوسط ربع الطول الكلي لشواطئه إلا قليلاً، أي أن الكيلومتر الوسطي الواحد من الواجهة البحرية لهذه البلدان يرسل حالياً إلى البحر المتوسط من الملوثات ما يناهز تسعة أضعاف ما يرسله الكيلومتر المتوسط الواحد من الواجهة البحرية لباقي بلدان المتوسط.
هذا فيما يتعلق بالوصول الراهن للملوثات إلى البحر، لكن هناك أنواعاً من الملوثات صناعية المنشأ وهي ثابتة كيميائياً لا تتفكك بسهولة، كانت قد صرفت إلى المتوسط أو رميت فيه، على مدى العقود الماضية، وتراكمت في الوسط المائي و/أو في الأحياء البحرية النباتية والحيوانية و/أو بشكل ترسبات على التربة القاعية.
إسرائيل وتدمير البيئة المتوسطية
وتنفرد إسرائيل من بين الدول الأربعة المذكورة بمسؤولية خطيرة إضافية في تلويث البحر المتوسط، إذ يذكر باحث من منظمة السلام الأخضر (Green Peace) أن إسرائيل هي البلد الوحيد في العالم المعروف بأنه يسمح بطرح روتيني للنفايات الصناعية إلى عرض البحر قبالة حيفا في معظم الأحيان، وذلك أثناء الليل ليحملها تيار شرق المتوسط الجنوبي شمالا إلى المياه البحرية والشواطئ اللبنانية، ثم يلتقي بتيار «دفاق وسط المتوسط» يشكلان معا تيار آسيا الصغرى الذي يواصل نقل الملوثات إلى المياه والشواطئ السورية والقبرصية والساحل الجنوبي لتركيا، فلا تصيب السموم الإسرائيلية إلا العرب وباقي الأغيار «الغويم».
وتشمل قائمة السموم المطروحة بين العامين 1995 – 2001 كميات غير معلومة من الهالوجينات والسيليكونات العضوية 270 ألف م3 من مركبات الزئبق والكادميوم، و132 ألف م3 مركبات حمضية وقلوية وكمية غير معلومة من الفلوريدات، وكميات غير معلومة من الزرنيخ والرصاص والنحاس والزنك والبيريليوم والكروم والنيكل والفاتاديوم والسيلينيوم والأنتموان ومركباتها، إضافة إلى إغراق متعمد للسفن.
إنقاذ البحر الأبيض المتوسط من التلوث
من موقع التفاؤل، يحاول الباحث تلمس خطة لإنقاذ المتوسط، مستشهداً بما كتبه الخبير العربي البيئي المعروف الدكتور مصطفى كمال طلبة بمناسبة الذكرى الثلاثين لولادة المشروع الإقليمي لحماية البحر المتوسط من التلوث.
يقول هذا الخبير إن البحر المتوسط الذي كاد يموت بعد أن أصبح رمزاً للتأثيرات المدمرة التي يلحقها الإنسان بالبحار، قد نجحت دول حوضه في عام 1976 باعتماد خطة عمل مشتركة "اتفاقية برشلونة" التي سوف تؤدي إلى إنقاذه في نهاية الأمر.
ولكن الباحث يعود ويسأل، إلى أي مدى استفاد البحر المتوسط من هذه الاتفاقية؟ ويؤكد أن نقطة الضعف الأساسية التي تعتريها هي أنها لا تلحظ بصورة كافية التفاوت الشديد بين مصادر انبعاث الملوثات الواقعة على البر المحيط بالبحر المتوسط.
وعليه فالاتفاقية ما زالت إلى الآن "رؤية شمالية" إلى حد بعيد، الأمر الذي يستدعي حسب الباحث أن يؤسس الجنوبيون رؤيتهم لهذا الواقع علهم يتمكنون من طرحها بقوة لتصحيح الانحراف الذي يعاني منه الربان الشمالي لسفينة الإنقاذ البيئي المتوسطي
.
normalien- عضو جديد
- عدد الرسائل : 34
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 17/12/2007
مناضلون في كل مكان مناضلون بلا عنوان :: ....الاجتماعي و التنموي :: في المسألة البيئية و التنمية المستديمة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى